إذا دعاك شخص لتناول قطعة من كعكة وقد بدأت اليوم صباحا حمية لتخسر قليلا من وزنك، فهل تتناول شوكة وتأخذ أول قضمة من الكعكة، أم تقول لا وتبتعد؟
إن دافعنا لتناول الطعام يتحكم فيه شبكة معقدة من الخلايا في الدماغ، وتستخدم هذه الخلايا إشارات من داخل الجسم -بالإضافة إلى المعلومات الحسية عن الطعام الموجود أمامنا- لتحدد سلوكياتنا.
خلايا تقرر موعد القضمة الأولى
وحدد علماء من معهد سكريبس للأبحاث مجموعة من الخلايا العصبية في منطقة صغيرة وغير مدروسة من الدماغ -وهي نواة ما تحت المهاد الجانبية- تتحكم في توقيت اتخاذ الحيوان القضمة الأولى من الطعام.
وشرع فريق العلماء في التلاعب انتقائيا بمجموعة من خلايا نواة ما تحت المهاد الجانبية التي يزيد نشاطها خلال فترات تناول الطعام بنهم في الدراسة التي نُشرت نتائجها في مجلة موليكيوار سايكايتري في 4 يوليو/تموز الجاري. ولاحظ علماء آخرون أن العديد من خلايا نواة ما تحت المهاد الجانبية تصبح نشطة بعد وجبة كبيرة، لكن الفريق البحثي تساءل عن كيفية تأثير هذه الخلايا على الشهية.
هل تبدأ بالماء أم بالطعام؟
ووجد فريق البحث أن مجموعة الخلايا الحساسة لتناول الطعام بنهم كانت قادرة على تغيير سلوك الفئران بشكل كبير. فعادة ما تبدأ الفئران الجائعة في تناول الطعام بسرعة بمجرد توفره، ولكنْ عندما شغّل الباحثون هذه المجموعة من خلايا نواة ما تحت المهاد الجانبية، كانت الفئران أبطأ بكثير في بدء تناول الطعام، ولكنها كانت أسرع بكثير في شرب الماء.
يقول الدكتور جيف دونينغ العالِم بمعهد سكريبس للأبحاث والباحث الأول في الدراسة لموقع يوريك أليرت: "تخبرنا نتائجنا أن هذه المجموعة المحددة من خلايا نواة ما تحت المهاد الجانبية توجه المراحل المبكرة من اتخاذ القرارات الناتجة عن الجوع قبل أن يبدأ الأكل فعليا، والتأثير على شرب الماء هو إلى حد ما غير بديهي، ولكنه قد يكون مرتبطا بالعطش الناتج عن تناول الطعام، وهي الظاهرة التي يُحفَّز فيها العطش بمجرد أن نبدأ في تناول الطعام".
الأطعمة الحلوة
وعبر التلاعب بمجموعات أصغر من الخلايا داخل نواة ما تحت المهاد الجانبية، عرف الفريق أي مجموعات الخلايا كانت مسؤولة عن التأخر في تناول الطعام وتسريع الشرب، كما اكتشفوا أن مجموعة أخرى من خلايا نواة ما تحت المهاد الجانبية تُحفز تأثيرا آخر، مما يدفع الفئران إلى تناول المزيد من الأطعمة الحلوة.
تقول الباحثة الرئيسية الدكتورة كانديس كونتي الأستاذ المشارك في قسم الطب الجزيئي بمعهد سكريبس للأبحاث: "تكشف هذه النتائج مجتمعة أن خلايا نواة ما تحت المهاد الجانبية العصبية تمارس مجموعة معقدة من الوظائف، وأظهرت عدة دراسات سابقة أن نشاط نواة ما تحت المهاد الجانبية يمكن أن يحد من كمية الطعام التي نتناولها، ولكن حقيقة أنّ بعض خلايا نواة ما تحت المهاد الجانبية تتحكم في بدء تناول الطعام أو الشرب أو حتى تشجع على استهلاك الأطعمة الحلوة؛ هو أمر جديد تماما".
اضطرابات الطعام
وتعتقد كونتي ودونينغ وزملاؤهما أن نتائجهم قد تكون ذات صلة باضطرابات الأكل، حيث يكون للأشخاص إما الكثير أو القليل من التحكم في بدء تناول الطعام والقرار بالانصياع للقضمة الأولى أو الانتظار لفترة أطول.
وبالإضافة إلى الطعام والماء، قد تلعب آليات مشابهة دورا في فقدان التحكم في استهلاك بعض المواد مثل إدمان المخدرات والتي يقوم الفريق حاليا بالبحث فيها.