سياسة | أبعاد
انتبه: قد تكون إرهابيا في ألمانيا لأنك ترتدي علم فلسطين
لا تعكس الأرقام الرسمية حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها مع الفلسطينيين (شترستوك)
محمد عزت
21/7/2024|آخر تحديث: 21/7/202404:53 م (بتوقيت مكة المكرمة)
"هناك مكان واحد لألمانيا لتقف فيه، هذا المكان هو جانب إسرائيل".
المستشار الألماني أولاف شولتس
أثناء التحضير لهذه المادة التي تحاول أن تستكشف واقع الفلسطينيين اليوم في ألمانيا، والتي انحدرت إلى دركات غير مسبوقة في قمع الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية، تواصلنا في الجزيرة نت مع مهند السعافين، وهو فلسطيني يعيش في ألمانيا وموظف سابق في الأمم المتحدة، ويعمل حاليا في مؤسسة رفض ذكر اسمها لأسباب خاصة.
كان تواصلنا مع مهند صعبًا للغاية والسبب ببساطة أنه لا يأخذ هاتفه معه حين يذهب إلى الاحتجاجات أو إلى اجتماعات تنظيم المظاهرات لأن رفاقه النشطاء الألمان والفلسطينيين المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، المسؤولين عن تنظيم المظاهرات، اكتشفوا أن الحكومة الألمانية تخترق هواتف النشطاء والمتظاهرين، فضلًا عن أنه في حالة اعتقال شخص من مظاهرة لنصرة الفلسطينيين يتم أخذ كل المعلومات الموجودة في هاتفه.
اقرأ أيضا
list of 2 items
list 1 of 2
ليلة ضرب تل أبيب.. كيف تمكن الحوثيون من بناء سلاح مسيرات هجومي في أقل من 10 سنوات؟
list 2 of 2
نقص في دبابات الجيش.. لماذا لن تنتصر إسرائيل في غزة؟
end of list
هناك حادثة تدعم ما يقوله مهند في هذا الصدد، حيث كُشف النقاب عام 2021 عن شراء الشرطة الألمانية برنامج التجسس الإسرائيلي السيّئ السمعة "بيغاسوس" عام 2019 في صفقة غُلفت بغطاء صارم من السرية، وقد امتنعت الحكومة الألمانية ثلاث مرات متتالية عن توضيح الأغراض التي تستخدم فيها هذا البرنامج، كما رفضت أن تُخضع نفسها للرقابة والتدقيق بشأن استخدامه.
السؤال الصعب.. كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
"سؤال: كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
الحكومة الألمانية: لحظة. هل يوجد شيء اسمه فلسطين؟".
حوار تخيلي.. ولكنه حقيقي جدا
لاستكشاف وضع الفلسطينيين الراهن في ألمانيا كان علينا أن نعرف كم عددهم أولًا، والحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال تعد جزءا جوهريًّا من القصة بأكملها، فالواقع أن الحكومة الألمانية لا تعرف عدد الفلسطينيين على أرضها، لأنها لا تعترف بوجود دولة اسمها فلسطين أصلًا.
فعلى العكس من صورة "الاعتدال" التي أظهرتها السلطات المتعاقبة في ألمانيا بشأن القضية الفلسطينية، وتقديمها للفلسطينيين "مساعدات" لا تقارن مع المنح الضخمة التي قدمتها برلين لدولة الاحتلال التي احتلت أرضهم وشردتهم على مدار أكثر من سبعة ع****، فإنها تتعامل الآن مع الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها باعتبارهم "عديمي الجنسية". فنكبة 1948 وتشريد السكان الأصليين في فلسطين على يد العصابات الصهيونية بالنسبة لألمانيا على المستوى القانوني يعني فقط أن هؤلاء السكان الأصليين فاقدي الجنسية الآن، باستثناء القليل من "المحظوظين" الذين يحملون جوازات سفر ألمانية أو عربية.
تعد هذه "الحقيقة المأساوية" أبرز التداعيات المباشرة للموقف الراسخ للحكومات الألمانية المتعاقبة برفض الاعتراف بدولة فلسطينية من دون موافقة إسرائيل. وتكمن المفارقة هنا في أن ألمانيا صاحبة الموقف التاريخي المعادي للفلسطينيين التي لا تعترف بفلسطين بالمعنى القانوني، يوجد بها جالية فلسطينية يصفها البعض بأنها أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين خارج ما يُعرف بالشرق الأوسط، فلكي توازن ألمانيا دعمها الضخم للاحتلال من دون أن تهتز صورتها بوصفها قوة سياسية "معتدلة"، حرصت دائمًا على تقديم نفسها على أنها ملاذ للاجئين الفلسطينيين، الذين أسهم الدعم الألماني للاحتلال الإسرائيلي في تشريدهم وضياع وطنهم عبر الع****.
لا تعكس الأرقام الرسمية إذن حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها برلين في التعامل مع الفلسطينيين. وبحسب المكتب الفيدرالي الألماني للإحصاء، تم تسجيل 7799 شخصًا من حاملي جنسية الأراضي الفلسطينية في ألمانيا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، حوالي 560 منهم في العاصمة برلين، غير أن التقارير الإعلامية الألمانية تؤكد أن أعداد الفلسطينيين أكبر من ذلك بكثير، إذ تتراوح هذه التقديرات بين 175 ألفا و225 ألف فلسطيني يعملون في مختلف المجالات وخاصة الطب، والهندسة، والصيدلة، فضلًا عن المجال التجاري بمختلف فروعه، وخاصة قطاعي السيارات والمطاعم، حوالي 40 ألفا منهم في العاصمة برلين، ويتركز الباقون في هانوفر، وبون، وميونخ، وهامبورغ، وفرانكفورت، وإيسن، وكولونيا وفوبرتال.
ربما تخبرك صعوبة معرفة عدد الفلسطينيين في ألمانيا بطرف من إجابة سؤال أهم هو: ما الذي يعنيه أن تكون فلسطينيًّا في ألمانيا؟ أو كيف تُعامل الدولةُ الفلسطينيَّ في ألمانيا؟ أولا، يعني أن تكون فلسطينيا في ألمانيا أنك لا تملك الاعتراف القانوني حتى بأنك فلسطيني، لأن ألمانيا رغم أن لديها سفارة فلسطينية في برلين فإنها لن تعترف بدولة فلسطين إلا حين توافق سلطات الاحتلال في تل أبيب على ذلك، وذلك باعتراف الخبراء والمحللين الألمان أنفسهم.
وجدير بالذكر هنا أن وسائل الإعلام الألمانية لا تتساءل عن أعداد الفلسطينيين عادة في تقاريرها إلا في سياق محاولة معرفة عدد المتعاطفين مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تذكرها وسائل الإعلام دائما مصحوبة بوصف "الإرهابية"، بمعنى آخر أنهم حين يتساءلون عن أعداد الفلسطينيين، فذلك يكون في سياق كم "إرهابيا" محتملا من بينهم.
أن تكون فلسطينيا في ألمانيا
كانت الأمور بالنسبة للفلسطينيين في ألمانيا تتجه نحو الأسوأ بالفعل حتى قبل السابع من أكتوبر، التي منحت السلطات الألمانية ذريعة لزيادة القمع (شترستوك)
لقد كان توجس مهند من سرقة بياناته من قبل الحكومة الألمانية متفهمًا، فقد ضُرب مهند أثناء مشاركته في اعتصام يطالب بحقوق الشعب الفلسطيني بجوار البرلمان الألماني في أبريل/نيسان الماضي ضربًا مبرحًا قبل أن يتم فض الاعتصام لاحقا، وقد كان تبرير الشرطة الألمانية لعملية الفض أن الاعتصام "يمجد ما يسميه المعتصمون بالمقاومة الفلسطينية".
قبل يوم من فض الاعتصام جاء شرطيان ألمانيان ضخمان ليعتقلا شخصين من المعتصمين، وأثناء دخولهما وجدا مهندًا أمامهما، وكانت جريمته أنه ظل واقفًا ولم يفسح لهما الطريق، فقاما من فورهما بالاعتداء عليه وعصب عينيه وليّ ذراعه بق****؛ مما تسبب له في إصابة واضحة، ولم يزدهما صراخه إلا ق**** فأمعنا في ليّ ذراعه المصاب، ثم وضعا أساور على يديه بطريقة تزيد من ألمه، وقد قال له الشرطي إن ما حدث عقاب له على "عدم خضوعه بسلاسة للاعتقال".
خرج مهند بعد ساعات من الاعتقال، وحينها تلقى خبر اقتحام الشرطة الألمانية للاعتصام، ذهب إلى هناك بذراعه المصابة وحمل علم فلسطين معه وظل يهتف للحق الفلسطيني حتى اعتقله رجال الشرطة واعتدوا عليه بالضرب ثانيةً، وكان معه في المعتقل 150 شخصًا آخرون، انتقل 25 منهم إلى المستشفى بعد ذلك جراء الاعتداءات العنيفة لقوات الشرطة.
سياسة | أبعاد
انتبه: قد تكون إرهابيا في ألمانيا لأنك ترتدي علم فلسطين
لا تعكس الأرقام الرسمية حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها مع الفلسطينيين (شترستوك)
محمد عزت
21/7/2024|آخر تحديث: 21/7/202404:53 م (بتوقيت مكة المكرمة)
"هناك مكان واحد لألمانيا لتقف فيه، هذا المكان هو جانب إسرائيل".
المستشار الألماني أولاف شولتس
أثناء التحضير لهذه المادة التي تحاول أن تستكشف واقع الفلسطينيين اليوم في ألمانيا، والتي انحدرت إلى دركات غير مسبوقة في قمع الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية، تواصلنا في الجزيرة نت مع مهند السعافين، وهو فلسطيني يعيش في ألمانيا وموظف سابق في الأمم المتحدة، ويعمل حاليا في مؤسسة رفض ذكر اسمها لأسباب خاصة.
كان تواصلنا مع مهند صعبًا للغاية والسبب ببساطة أنه لا يأخذ هاتفه معه حين يذهب إلى الاحتجاجات أو إلى اجتماعات تنظيم المظاهرات لأن رفاقه النشطاء الألمان والفلسطينيين المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، المسؤولين عن تنظيم المظاهرات، اكتشفوا أن الحكومة الألمانية تخترق هواتف النشطاء والمتظاهرين، فضلًا عن أنه في حالة اعتقال شخص من مظاهرة لنصرة الفلسطينيين يتم أخذ كل المعلومات الموجودة في هاتفه.
اقرأ أيضا
list of 2 items
list 1 of 2
ليلة ضرب تل أبيب.. كيف تمكن الحوثيون من بناء سلاح مسيرات هجومي في أقل من 10 سنوات؟
list 2 of 2
نقص في دبابات الجيش.. لماذا لن تنتصر إسرائيل في غزة؟
end of list
هناك حادثة تدعم ما يقوله مهند في هذا الصدد، حيث كُشف النقاب عام 2021 عن شراء الشرطة الألمانية برنامج التجسس الإسرائيلي السيّئ السمعة "بيغاسوس" عام 2019 في صفقة غُلفت بغطاء صارم من السرية، وقد امتنعت الحكومة الألمانية ثلاث مرات متتالية عن توضيح الأغراض التي تستخدم فيها هذا البرنامج، كما رفضت أن تُخضع نفسها للرقابة والتدقيق بشأن استخدامه.
السؤال الصعب.. كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
"سؤال: كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
الحكومة الألمانية: لحظة. هل يوجد شيء اسمه فلسطين؟".
حوار تخيلي.. ولكنه حقيقي جدا
لاستكشاف وضع الفلسطينيين الراهن في ألمانيا كان علينا أن نعرف كم عددهم أولًا، والحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال تعد جزءا جوهريًّا من القصة بأكملها، فالواقع أن الحكومة الألمانية لا تعرف عدد الفلسطينيين على أرضها، لأنها لا تعترف بوجود دولة اسمها فلسطين أصلًا.
فعلى العكس من صورة "الاعتدال" التي أظهرتها السلطات المتعاقبة في ألمانيا بشأن القضية الفلسطينية، وتقديمها للفلسطينيين "مساعدات" لا تقارن مع المنح الضخمة التي قدمتها برلين لدولة الاحتلال التي احتلت أرضهم وشردتهم على مدار أكثر من سبعة ع****، فإنها تتعامل الآن مع الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها باعتبارهم "عديمي الجنسية". فنكبة 1948 وتشريد السكان الأصليين في فلسطين على يد العصابات الصهيونية بالنسبة لألمانيا على المستوى القانوني يعني فقط أن هؤلاء السكان الأصليين فاقدي الجنسية الآن، باستثناء القليل من "المحظوظين" الذين يحملون جوازات سفر ألمانية أو عربية.
تعد هذه "الحقيقة المأساوية" أبرز التداعيات المباشرة للموقف الراسخ للحكومات الألمانية المتعاقبة برفض الاعتراف بدولة فلسطينية من دون موافقة إسرائيل. وتكمن المفارقة هنا في أن ألمانيا صاحبة الموقف التاريخي المعادي للفلسطينيين التي لا تعترف بفلسطين بالمعنى القانوني، يوجد بها جالية فلسطينية يصفها البعض بأنها أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين خارج ما يُعرف بالشرق الأوسط، فلكي توازن ألمانيا دعمها الضخم للاحتلال من دون أن تهتز صورتها بوصفها قوة سياسية "معتدلة"، حرصت دائمًا على تقديم نفسها على أنها ملاذ للاجئين الفلسطينيين، الذين أسهم الدعم الألماني للاحتلال الإسرائيلي في تشريدهم وضياع وطنهم عبر الع****.
لا تعكس الأرقام الرسمية إذن حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها برلين في التعامل مع الفلسطينيين. وبحسب المكتب الفيدرالي الألماني للإحصاء، تم تسجيل 7799 شخصًا من حاملي جنسية الأراضي الفلسطينية في ألمانيا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، حوالي 560 منهم في العاصمة برلين، غير أن التقارير الإعلامية الألمانية تؤكد أن أعداد الفلسطينيين أكبر من ذلك بكثير، إذ تتراوح هذه التقديرات بين 175 ألفا و225 ألف فلسطيني يعملون في مختلف المجالات وخاصة الطب، والهندسة، والصيدلة، فضلًا عن المجال التجاري بمختلف فروعه، وخاصة قطاعي السيارات والمطاعم، حوالي 40 ألفا منهم في العاصمة برلين، ويتركز الباقون في هانوفر، وبون، وميونخ، وهامبورغ، وفرانكفورت، وإيسن، وكولونيا وفوبرتال.
ربما تخبرك صعوبة معرفة عدد الفلسطينيين في ألمانيا بطرف من إجابة سؤال أهم هو: ما الذي يعنيه أن تكون فلسطينيًّا في ألمانيا؟ أو كيف تُعامل الدولةُ الفلسطينيَّ في ألمانيا؟ أولا، يعني أن تكون فلسطينيا في ألمانيا أنك لا تملك الاعتراف القانوني حتى بأنك فلسطيني، لأن ألمانيا رغم أن لديها سفارة فلسطينية في برلين فإنها لن تعترف بدولة فلسطين إلا حين توافق سلطات الاحتلال في تل أبيب على ذلك، وذلك باعتراف الخبراء والمحللين الألمان أنفسهم.
وجدير بالذكر هنا أن وسائل الإعلام الألمانية لا تتساءل عن أعداد الفلسطينيين عادة في تقاريرها إلا في سياق محاولة معرفة عدد المتعاطفين مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تذكرها وسائل الإعلام دائما مصحوبة بوصف "الإرهابية"، بمعنى آخر أنهم حين يتساءلون عن أعداد الفلسطينيين، فذلك يكون في سياق كم "إرهابيا" محتملا من بينهم.
أن تكون فلسطينيا في ألمانيا
كانت الأمور بالنسبة للفلسطينيين في ألمانيا تتجه نحو الأسوأ بالفعل حتى قبل السابع من أكتوبر، التي منحت السلطات الألمانية ذريعة لزيادة القمع (شترستوك)
لقد كان توجس مهند من سرقة بياناته من قبل الحكومة الألمانية متفهمًا، فقد ضُرب مهند أثناء مشاركته في اعتصام يطالب بحقوق الشعب الفلسطيني بجوار البرلمان الألماني في أبريل/نيسان الماضي ضربًا مبرحًا قبل أن يتم فض الاعتصام لاحقا، وقد كان تبرير الشرطة الألمانية لعملية الفض أن الاعتصام "يمجد ما يسميه المعتصمون بالمقاومة الفلسطينية".
قبل يوم من فض الاعتصام جاء شرطيان ألمانيان ضخمان ليعتقلا شخصين من المعتصمين، وأثناء دخولهما وجدا مهندًا أمامهما، وكانت جريمته أنه ظل واقفًا ولم يفسح لهما الطريق، فقاما من فورهما بالاعتداء عليه وعصب عينيه وليّ ذراعه بق****؛ مما تسبب له في إصابة واضحة، ولم يزدهما صراخه إلا ق**** فأمعنا في ليّ ذراعه المصاب، ثم وضعا أساور على يديه بطريقة تزيد من ألمه، وقد قال له الشرطي إن ما حدث عقاب له على "عدم خضوعه بسلاسة للاعتقال".
خرج مهند بعد ساعات من الاعتقال، وحينها تلقى خبر اقتحام الشرطة الألمانية للاعتصام، ذهب إلى هناك بذراعه المصابة وحمل علم فلسطين معه وظل يهتف للحق الفلسطيني حتى اعتقله رجال الشرطة واعتدوا عليه بالضرب ثانيةً، وكان معه في المعتقل 150 شخصًا آخرون، انتقل 25 منهم إلى المستشفى بعد ذلك جراء الاعتداءات العنيفة لقوات الشرطة.
سياسة | أبعاد
انتبه: قد تكون إرهابيا في ألمانيا لأنك ترتدي علم فلسطين
لا تعكس الأرقام الرسمية حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها مع الفلسطينيين (شترستوك)
محمد عزت
21/7/2024|آخر تحديث: 21/7/202404:53 م (بتوقيت مكة المكرمة)
"هناك مكان واحد لألمانيا لتقف فيه، هذا المكان هو جانب إسرائيل".
المستشار الألماني أولاف شولتس
أثناء التحضير لهذه المادة التي تحاول أن تستكشف واقع الفلسطينيين اليوم في ألمانيا، والتي انحدرت إلى دركات غير مسبوقة في قمع الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية، تواصلنا في الجزيرة نت مع مهند السعافين، وهو فلسطيني يعيش في ألمانيا وموظف سابق في الأمم المتحدة، ويعمل حاليا في مؤسسة رفض ذكر اسمها لأسباب خاصة.
كان تواصلنا مع مهند صعبًا للغاية والسبب ببساطة أنه لا يأخذ هاتفه معه حين يذهب إلى الاحتجاجات أو إلى اجتماعات تنظيم المظاهرات لأن رفاقه النشطاء الألمان والفلسطينيين المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، المسؤولين عن تنظيم المظاهرات، اكتشفوا أن الحكومة الألمانية تخترق هواتف النشطاء والمتظاهرين، فضلًا عن أنه في حالة اعتقال شخص من مظاهرة لنصرة الفلسطينيين يتم أخذ كل المعلومات الموجودة في هاتفه.
اقرأ أيضا
list of 2 items
list 1 of 2
ليلة ضرب تل أبيب.. كيف تمكن الحوثيون من بناء سلاح مسيرات هجومي في أقل من 10 سنوات؟
list 2 of 2
نقص في دبابات الجيش.. لماذا لن تنتصر إسرائيل في غزة؟
end of list
هناك حادثة تدعم ما يقوله مهند في هذا الصدد، حيث كُشف النقاب عام 2021 عن شراء الشرطة الألمانية برنامج التجسس الإسرائيلي السيّئ السمعة "بيغاسوس" عام 2019 في صفقة غُلفت بغطاء صارم من السرية، وقد امتنعت الحكومة الألمانية ثلاث مرات متتالية عن توضيح الأغراض التي تستخدم فيها هذا البرنامج، كما رفضت أن تُخضع نفسها للرقابة والتدقيق بشأن استخدامه.
السؤال الصعب.. كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
"سؤال: كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
الحكومة الألمانية: لحظة. هل يوجد شيء اسمه فلسطين؟".
حوار تخيلي.. ولكنه حقيقي جدا
لاستكشاف وضع الفلسطينيين الراهن في ألمانيا كان علينا أن نعرف كم عددهم أولًا، والحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال تعد جزءا جوهريًّا من القصة بأكملها، فالواقع أن الحكومة الألمانية لا تعرف عدد الفلسطينيين على أرضها، لأنها لا تعترف بوجود دولة اسمها فلسطين أصلًا.
فعلى العكس من صورة "الاعتدال" التي أظهرتها السلطات المتعاقبة في ألمانيا بشأن القضية الفلسطينية، وتقديمها للفلسطينيين "مساعدات" لا تقارن مع المنح الضخمة التي قدمتها برلين لدولة الاحتلال التي احتلت أرضهم وشردتهم على مدار أكثر من سبعة ع****، فإنها تتعامل الآن مع الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها باعتبارهم "عديمي الجنسية". فنكبة 1948 وتشريد السكان الأصليين في فلسطين على يد العصابات الصهيونية بالنسبة لألمانيا على المستوى القانوني يعني فقط أن هؤلاء السكان الأصليين فاقدي الجنسية الآن، باستثناء القليل من "المحظوظين" الذين يحملون جوازات سفر ألمانية أو عربية.
تعد هذه "الحقيقة المأساوية" أبرز التداعيات المباشرة للموقف الراسخ للحكومات الألمانية المتعاقبة برفض الاعتراف بدولة فلسطينية من دون موافقة إسرائيل. وتكمن المفارقة هنا في أن ألمانيا صاحبة الموقف التاريخي المعادي للفلسطينيين التي لا تعترف بفلسطين بالمعنى القانوني، يوجد بها جالية فلسطينية يصفها البعض بأنها أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين خارج ما يُعرف بالشرق الأوسط، فلكي توازن ألمانيا دعمها الضخم للاحتلال من دون أن تهتز صورتها بوصفها قوة سياسية "معتدلة"، حرصت دائمًا على تقديم نفسها على أنها ملاذ للاجئين الفلسطينيين، الذين أسهم الدعم الألماني للاحتلال الإسرائيلي في تشريدهم وضياع وطنهم عبر الع****.
لا تعكس الأرقام الرسمية إذن حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها برلين في التعامل مع الفلسطينيين. وبحسب المكتب الفيدرالي الألماني للإحصاء، تم تسجيل 7799 شخصًا من حاملي جنسية الأراضي الفلسطينية في ألمانيا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، حوالي 560 منهم في العاصمة برلين، غير أن التقارير الإعلامية الألمانية تؤكد أن أعداد الفلسطينيين أكبر من ذلك بكثير، إذ تتراوح هذه التقديرات بين 175 ألفا و225 ألف فلسطيني يعملون في مختلف المجالات وخاصة الطب، والهندسة، والصيدلة، فضلًا عن المجال التجاري بمختلف فروعه، وخاصة قطاعي السيارات والمطاعم، حوالي 40 ألفا منهم في العاصمة برلين، ويتركز الباقون في هانوفر، وبون، وميونخ، وهامبورغ، وفرانكفورت، وإيسن، وكولونيا وفوبرتال.
ربما تخبرك صعوبة معرفة عدد الفلسطينيين في ألمانيا بطرف من إجابة سؤال أهم هو: ما الذي يعنيه أن تكون فلسطينيًّا في ألمانيا؟ أو كيف تُعامل الدولةُ الفلسطينيَّ في ألمانيا؟ أولا، يعني أن تكون فلسطينيا في ألمانيا أنك لا تملك الاعتراف القانوني حتى بأنك فلسطيني، لأن ألمانيا رغم أن لديها سفارة فلسطينية في برلين فإنها لن تعترف بدولة فلسطين إلا حين توافق سلطات الاحتلال في تل أبيب على ذلك، وذلك باعتراف الخبراء والمحللين الألمان أنفسهم.
وجدير بالذكر هنا أن وسائل الإعلام الألمانية لا تتساءل عن أعداد الفلسطينيين عادة في تقاريرها إلا في سياق محاولة معرفة عدد المتعاطفين مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تذكرها وسائل الإعلام دائما مصحوبة بوصف "الإرهابية"، بمعنى آخر أنهم حين يتساءلون عن أعداد الفلسطينيين، فذلك يكون في سياق كم "إرهابيا" محتملا من بينهم.
أن تكون فلسطينيا في ألمانيا
كانت الأمور بالنسبة للفلسطينيين في ألمانيا تتجه نحو الأسوأ بالفعل حتى قبل السابع من أكتوبر، التي منحت السلطات الألمانية ذريعة لزيادة القمع (شترستوك)
لقد كان توجس مهند من سرقة بياناته من قبل الحكومة الألمانية متفهمًا، فقد ضُرب مهند أثناء مشاركته في اعتصام يطالب بحقوق الشعب الفلسطيني بجوار البرلمان الألماني في أبريل/نيسان الماضي ضربًا مبرحًا قبل أن يتم فض الاعتصام لاحقا، وقد كان تبرير الشرطة الألمانية لعملية الفض أن الاعتصام "يمجد ما يسميه المعتصمون بالمقاومة الفلسطينية".
قبل يوم من فض الاعتصام جاء شرطيان ألمانيان ضخمان ليعتقلا شخصين من المعتصمين، وأثناء دخولهما وجدا مهندًا أمامهما، وكانت جريمته أنه ظل واقفًا ولم يفسح لهما الطريق، فقاما من فورهما بالاعتداء عليه وعصب عينيه وليّ ذراعه بق****؛ مما تسبب له في إصابة واضحة، ولم يزدهما صراخه إلا ق**** فأمعنا في ليّ ذراعه المصاب، ثم وضعا أساور على يديه بطريقة تزيد من ألمه، وقد قال له الشرطي إن ما حدث عقاب له على "عدم خضوعه بسلاسة للاعتقال".
خرج مهند بعد ساعات من الاعتقال، وحينها تلقى خبر اقتحام الشرطة الألمانية للاعتصام، ذهب إلى هناك بذراعه المصابة وحمل علم فلسطين معه وظل يهتف للحق الفلسطيني حتى اعتقله رجال الشرطة واعتدوا عليه بالضرب ثانيةً، وكان معه في المعتقل 150 شخصًا آخرون، انتقل 25 منهم إلى المستشفى بعد ذلك جراء الاعتداءات العنيفة لقوات الشرطة.
سياسة | أبعاد
انتبه: قد تكون إرهابيا في ألمانيا لأنك ترتدي علم فلسطين
لا تعكس الأرقام الرسمية حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها مع الفلسطينيين (شترستوك)
محمد عزت
21/7/2024|آخر تحديث: 21/7/202404:53 م (بتوقيت مكة المكرمة)
"هناك مكان واحد لألمانيا لتقف فيه، هذا المكان هو جانب إسرائيل".
المستشار الألماني أولاف شولتس
أثناء التحضير لهذه المادة التي تحاول أن تستكشف واقع الفلسطينيين اليوم في ألمانيا، والتي انحدرت إلى دركات غير مسبوقة في قمع الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية، تواصلنا في الجزيرة نت مع مهند السعافين، وهو فلسطيني يعيش في ألمانيا وموظف سابق في الأمم المتحدة، ويعمل حاليا في مؤسسة رفض ذكر اسمها لأسباب خاصة.
كان تواصلنا مع مهند صعبًا للغاية والسبب ببساطة أنه لا يأخذ هاتفه معه حين يذهب إلى الاحتجاجات أو إلى اجتماعات تنظيم المظاهرات لأن رفاقه النشطاء الألمان والفلسطينيين المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، المسؤولين عن تنظيم المظاهرات، اكتشفوا أن الحكومة الألمانية تخترق هواتف النشطاء والمتظاهرين، فضلًا عن أنه في حالة اعتقال شخص من مظاهرة لنصرة الفلسطينيين يتم أخذ كل المعلومات الموجودة في هاتفه.
اقرأ أيضا
list of 2 items
list 1 of 2
ليلة ضرب تل أبيب.. كيف تمكن الحوثيون من بناء سلاح مسيرات هجومي في أقل من 10 سنوات؟
list 2 of 2
نقص في دبابات الجيش.. لماذا لن تنتصر إسرائيل في غزة؟
end of list
هناك حادثة تدعم ما يقوله مهند في هذا الصدد، حيث كُشف النقاب عام 2021 عن شراء الشرطة الألمانية برنامج التجسس الإسرائيلي السيّئ السمعة "بيغاسوس" عام 2019 في صفقة غُلفت بغطاء صارم من السرية، وقد امتنعت الحكومة الألمانية ثلاث مرات متتالية عن توضيح الأغراض التي تستخدم فيها هذا البرنامج، كما رفضت أن تُخضع نفسها للرقابة والتدقيق بشأن استخدامه.
السؤال الصعب.. كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
"سؤال: كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
الحكومة الألمانية: لحظة. هل يوجد شيء اسمه فلسطين؟".
حوار تخيلي.. ولكنه حقيقي جدا
لاستكشاف وضع الفلسطينيين الراهن في ألمانيا كان علينا أن نعرف كم عددهم أولًا، والحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال تعد جزءا جوهريًّا من القصة بأكملها، فالواقع أن الحكومة الألمانية لا تعرف عدد الفلسطينيين على أرضها، لأنها لا تعترف بوجود دولة اسمها فلسطين أصلًا.
فعلى العكس من صورة "الاعتدال" التي أظهرتها السلطات المتعاقبة في ألمانيا بشأن القضية الفلسطينية، وتقديمها للفلسطينيين "مساعدات" لا تقارن مع المنح الضخمة التي قدمتها برلين لدولة الاحتلال التي احتلت أرضهم وشردتهم على مدار أكثر من سبعة ع****، فإنها تتعامل الآن مع الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها باعتبارهم "عديمي الجنسية". فنكبة 1948 وتشريد السكان الأصليين في فلسطين على يد العصابات الصهيونية بالنسبة لألمانيا على المستوى القانوني يعني فقط أن هؤلاء السكان الأصليين فاقدي الجنسية الآن، باستثناء القليل من "المحظوظين" الذين يحملون جوازات سفر ألمانية أو عربية.
تعد هذه "الحقيقة المأساوية" أبرز التداعيات المباشرة للموقف الراسخ للحكومات الألمانية المتعاقبة برفض الاعتراف بدولة فلسطينية من دون موافقة إسرائيل. وتكمن المفارقة هنا في أن ألمانيا صاحبة الموقف التاريخي المعادي للفلسطينيين التي لا تعترف بفلسطين بالمعنى القانوني، يوجد بها جالية فلسطينية يصفها البعض بأنها أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين خارج ما يُعرف بالشرق الأوسط، فلكي توازن ألمانيا دعمها الضخم للاحتلال من دون أن تهتز صورتها بوصفها قوة سياسية "معتدلة"، حرصت دائمًا على تقديم نفسها على أنها ملاذ للاجئين الفلسطينيين، الذين أسهم الدعم الألماني للاحتلال الإسرائيلي في تشريدهم وضياع وطنهم عبر الع****.
لا تعكس الأرقام الرسمية إذن حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها برلين في التعامل مع الفلسطينيين. وبحسب المكتب الفيدرالي الألماني للإحصاء، تم تسجيل 7799 شخصًا من حاملي جنسية الأراضي الفلسطينية في ألمانيا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، حوالي 560 منهم في العاصمة برلين، غير أن التقارير الإعلامية الألمانية تؤكد أن أعداد الفلسطينيين أكبر من ذلك بكثير، إذ تتراوح هذه التقديرات بين 175 ألفا و225 ألف فلسطيني يعملون في مختلف المجالات وخاصة الطب، والهندسة، والصيدلة، فضلًا عن المجال التجاري بمختلف فروعه، وخاصة قطاعي السيارات والمطاعم، حوالي 40 ألفا منهم في العاصمة برلين، ويتركز الباقون في هانوفر، وبون، وميونخ، وهامبورغ، وفرانكفورت، وإيسن، وكولونيا وفوبرتال.
ربما تخبرك صعوبة معرفة عدد الفلسطينيين في ألمانيا بطرف من إجابة سؤال أهم هو: ما الذي يعنيه أن تكون فلسطينيًّا في ألمانيا؟ أو كيف تُعامل الدولةُ الفلسطينيَّ في ألمانيا؟ أولا، يعني أن تكون فلسطينيا في ألمانيا أنك لا تملك الاعتراف القانوني حتى بأنك فلسطيني، لأن ألمانيا رغم أن لديها سفارة فلسطينية في برلين فإنها لن تعترف بدولة فلسطين إلا حين توافق سلطات الاحتلال في تل أبيب على ذلك، وذلك باعتراف الخبراء والمحللين الألمان أنفسهم.
وجدير بالذكر هنا أن وسائل الإعلام الألمانية لا تتساءل عن أعداد الفلسطينيين عادة في تقاريرها إلا في سياق محاولة معرفة عدد المتعاطفين مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تذكرها وسائل الإعلام دائما مصحوبة بوصف "الإرهابية"، بمعنى آخر أنهم حين يتساءلون عن أعداد الفلسطينيين، فذلك يكون في سياق كم "إرهابيا" محتملا من بينهم.
أن تكون فلسطينيا في ألمانيا
كانت الأمور بالنسبة للفلسطينيين في ألمانيا تتجه نحو الأسوأ بالفعل حتى قبل السابع من أكتوبر، التي منحت السلطات الألمانية ذريعة لزيادة القمع (شترستوك)
لقد كان توجس مهند من سرقة بياناته من قبل الحكومة الألمانية متفهمًا، فقد ضُرب مهند أثناء مشاركته في اعتصام يطالب بحقوق الشعب الفلسطيني بجوار البرلمان الألماني في أبريل/نيسان الماضي ضربًا مبرحًا قبل أن يتم فض الاعتصام لاحقا، وقد كان تبرير الشرطة الألمانية لعملية الفض أن الاعتصام "يمجد ما يسميه المعتصمون بالمقاومة الفلسطينية".
قبل يوم من فض الاعتصام جاء شرطيان ألمانيان ضخمان ليعتقلا شخصين من المعتصمين، وأثناء دخولهما وجدا مهندًا أمامهما، وكانت جريمته أنه ظل واقفًا ولم يفسح لهما الطريق، فقاما من فورهما بالاعتداء عليه وعصب عينيه وليّ ذراعه بق****؛ مما تسبب له في إصابة واضحة، ولم يزدهما صراخه إلا ق**** فأمعنا في ليّ ذراعه المصاب، ثم وضعا أساور على يديه بطريقة تزيد من ألمه، وقد قال له الشرطي إن ما حدث عقاب له على "عدم خضوعه بسلاسة للاعتقال".
خرج مهند بعد ساعات من الاعتقال، وحينها تلقى خبر اقتحام الشرطة الألمانية للاعتصام، ذهب إلى هناك بذراعه المصابة وحمل علم فلسطين معه وظل يهتف للحق الفلسطيني حتى اعتقله رجال الشرطة واعتدوا عليه بالضرب ثانيةً، وكان معه في المعتقل 150 شخصًا آخرون، انتقل 25 منهم إلى المستشفى بعد ذلك جراء الاعتداءات العنيفة لقوات الشرطة.
سياسة | أبعاد
انتبه: قد تكون إرهابيا في ألمانيا لأنك ترتدي علم فلسطين
لا تعكس الأرقام الرسمية حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها مع الفلسطينيين (شترستوك)
محمد عزت
21/7/2024|آخر تحديث: 21/7/202404:53 م (بتوقيت مكة المكرمة)
"هناك مكان واحد لألمانيا لتقف فيه، هذا المكان هو جانب إسرائيل".
المستشار الألماني أولاف شولتس
أثناء التحضير لهذه المادة التي تحاول أن تستكشف واقع الفلسطينيين اليوم في ألمانيا، والتي انحدرت إلى دركات غير مسبوقة في قمع الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية، تواصلنا في الجزيرة نت مع مهند السعافين، وهو فلسطيني يعيش في ألمانيا وموظف سابق في الأمم المتحدة، ويعمل حاليا في مؤسسة رفض ذكر اسمها لأسباب خاصة.
كان تواصلنا مع مهند صعبًا للغاية والسبب ببساطة أنه لا يأخذ هاتفه معه حين يذهب إلى الاحتجاجات أو إلى اجتماعات تنظيم المظاهرات لأن رفاقه النشطاء الألمان والفلسطينيين المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، المسؤولين عن تنظيم المظاهرات، اكتشفوا أن الحكومة الألمانية تخترق هواتف النشطاء والمتظاهرين، فضلًا عن أنه في حالة اعتقال شخص من مظاهرة لنصرة الفلسطينيين يتم أخذ كل المعلومات الموجودة في هاتفه.
اقرأ أيضا
list of 2 items
list 1 of 2
ليلة ضرب تل أبيب.. كيف تمكن الحوثيون من بناء سلاح مسيرات هجومي في أقل من 10 سنوات؟
list 2 of 2
نقص في دبابات الجيش.. لماذا لن تنتصر إسرائيل في غزة؟
end of list
هناك حادثة تدعم ما يقوله مهند في هذا الصدد، حيث كُشف النقاب عام 2021 عن شراء الشرطة الألمانية برنامج التجسس الإسرائيلي السيّئ السمعة "بيغاسوس" عام 2019 في صفقة غُلفت بغطاء صارم من السرية، وقد امتنعت الحكومة الألمانية ثلاث مرات متتالية عن توضيح الأغراض التي تستخدم فيها هذا البرنامج، كما رفضت أن تُخضع نفسها للرقابة والتدقيق بشأن استخدامه.
السؤال الصعب.. كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
"سؤال: كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
الحكومة الألمانية: لحظة. هل يوجد شيء اسمه فلسطين؟".
حوار تخيلي.. ولكنه حقيقي جدا
لاستكشاف وضع الفلسطينيين الراهن في ألمانيا كان علينا أن نعرف كم عددهم أولًا، والحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال تعد جزءا جوهريًّا من القصة بأكملها، فالواقع أن الحكومة الألمانية لا تعرف عدد الفلسطينيين على أرضها، لأنها لا تعترف بوجود دولة اسمها فلسطين أصلًا.
فعلى العكس من صورة "الاعتدال" التي أظهرتها السلطات المتعاقبة في ألمانيا بشأن القضية الفلسطينية، وتقديمها للفلسطينيين "مساعدات" لا تقارن مع المنح الضخمة التي قدمتها برلين لدولة الاحتلال التي احتلت أرضهم وشردتهم على مدار أكثر من سبعة ع****، فإنها تتعامل الآن مع الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها باعتبارهم "عديمي الجنسية". فنكبة 1948 وتشريد السكان الأصليين في فلسطين على يد العصابات الصهيونية بالنسبة لألمانيا على المستوى القانوني يعني فقط أن هؤلاء السكان الأصليين فاقدي الجنسية الآن، باستثناء القليل من "المحظوظين" الذين يحملون جوازات سفر ألمانية أو عربية.
تعد هذه "الحقيقة المأساوية" أبرز التداعيات المباشرة للموقف الراسخ للحكومات الألمانية المتعاقبة برفض الاعتراف بدولة فلسطينية من دون موافقة إسرائيل. وتكمن المفارقة هنا في أن ألمانيا صاحبة الموقف التاريخي المعادي للفلسطينيين التي لا تعترف بفلسطين بالمعنى القانوني، يوجد بها جالية فلسطينية يصفها البعض بأنها أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين خارج ما يُعرف بالشرق الأوسط، فلكي توازن ألمانيا دعمها الضخم للاحتلال من دون أن تهتز صورتها بوصفها قوة سياسية "معتدلة"، حرصت دائمًا على تقديم نفسها على أنها ملاذ للاجئين الفلسطينيين، الذين أسهم الدعم الألماني للاحتلال الإسرائيلي في تشريدهم وضياع وطنهم عبر الع****.
لا تعكس الأرقام الرسمية إذن حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها برلين في التعامل مع الفلسطينيين. وبحسب المكتب الفيدرالي الألماني للإحصاء، تم تسجيل 7799 شخصًا من حاملي جنسية الأراضي الفلسطينية في ألمانيا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، حوالي 560 منهم في العاصمة برلين، غير أن التقارير الإعلامية الألمانية تؤكد أن أعداد الفلسطينيين أكبر من ذلك بكثير، إذ تتراوح هذه التقديرات بين 175 ألفا و225 ألف فلسطيني يعملون في مختلف المجالات وخاصة الطب، والهندسة، والصيدلة، فضلًا عن المجال التجاري بمختلف فروعه، وخاصة قطاعي السيارات والمطاعم، حوالي 40 ألفا منهم في العاصمة برلين، ويتركز الباقون في هانوفر، وبون، وميونخ، وهامبورغ، وفرانكفورت، وإيسن، وكولونيا وفوبرتال.
ربما تخبرك صعوبة معرفة عدد الفلسطينيين في ألمانيا بطرف من إجابة سؤال أهم هو: ما الذي يعنيه أن تكون فلسطينيًّا في ألمانيا؟ أو كيف تُعامل الدولةُ الفلسطينيَّ في ألمانيا؟ أولا، يعني أن تكون فلسطينيا في ألمانيا أنك لا تملك الاعتراف القانوني حتى بأنك فلسطيني، لأن ألمانيا رغم أن لديها سفارة فلسطينية في برلين فإنها لن تعترف بدولة فلسطين إلا حين توافق سلطات الاحتلال في تل أبيب على ذلك، وذلك باعتراف الخبراء والمحللين الألمان أنفسهم.
وجدير بالذكر هنا أن وسائل الإعلام الألمانية لا تتساءل عن أعداد الفلسطينيين عادة في تقاريرها إلا في سياق محاولة معرفة عدد المتعاطفين مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تذكرها وسائل الإعلام دائما مصحوبة بوصف "الإرهابية"، بمعنى آخر أنهم حين يتساءلون عن أعداد الفلسطينيين، فذلك يكون في سياق كم "إرهابيا" محتملا من بينهم.
أن تكون فلسطينيا في ألمانيا
كانت الأمور بالنسبة للفلسطينيين في ألمانيا تتجه نحو الأسوأ بالفعل حتى قبل السابع من أكتوبر، التي منحت السلطات الألمانية ذريعة لزيادة القمع (شترستوك)
لقد كان توجس مهند من سرقة بياناته من قبل الحكومة الألمانية متفهمًا، فقد ضُرب مهند أثناء مشاركته في اعتصام يطالب بحقوق الشعب الفلسطيني بجوار البرلمان الألماني في أبريل/نيسان الماضي ضربًا مبرحًا قبل أن يتم فض الاعتصام لاحقا، وقد كان تبرير الشرطة الألمانية لعملية الفض أن الاعتصام "يمجد ما يسميه المعتصمون بالمقاومة الفلسطينية".
قبل يوم من فض الاعتصام جاء شرطيان ألمانيان ضخمان ليعتقلا شخصين من المعتصمين، وأثناء دخولهما وجدا مهندًا أمامهما، وكانت جريمته أنه ظل واقفًا ولم يفسح لهما الطريق، فقاما من فورهما بالاعتداء عليه وعصب عينيه وليّ ذراعه بق****؛ مما تسبب له في إصابة واضحة، ولم يزدهما صراخه إلا ق**** فأمعنا في ليّ ذراعه المصاب، ثم وضعا أساور على يديه بطريقة تزيد من ألمه، وقد قال له الشرطي إن ما حدث عقاب له على "عدم خضوعه بسلاسة للاعتقال".
خرج مهند بعد ساعات من الاعتقال، وحينها تلقى خبر اقتحام الشرطة الألمانية للاعتصام، ذهب إلى هناك بذراعه المصابة وحمل علم فلسطين معه وظل يهتف للحق الفلسطيني حتى اعتقله رجال الشرطة واعتدوا عليه بالضرب ثانيةً، وكان معه في المعتقل 150 شخصًا آخرون، انتقل 25 منهم إلى المستشفى بعد ذلك جراء الاعتداءات العنيفة لقوات الشرطة.
سياسة | أبعاد
انتبه: قد تكون إرهابيا في ألمانيا لأنك ترتدي علم فلسطين
لا تعكس الأرقام الرسمية حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها مع الفلسطينيين (شترستوك)
محمد عزت
21/7/2024|آخر تحديث: 21/7/202404:53 م (بتوقيت مكة المكرمة)
"هناك مكان واحد لألمانيا لتقف فيه، هذا المكان هو جانب إسرائيل".
المستشار الألماني أولاف شولتس
أثناء التحضير لهذه المادة التي تحاول أن تستكشف واقع الفلسطينيين اليوم في ألمانيا، والتي انحدرت إلى دركات غير مسبوقة في قمع الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية، تواصلنا في الجزيرة نت مع مهند السعافين، وهو فلسطيني يعيش في ألمانيا وموظف سابق في الأمم المتحدة، ويعمل حاليا في مؤسسة رفض ذكر اسمها لأسباب خاصة.
كان تواصلنا مع مهند صعبًا للغاية والسبب ببساطة أنه لا يأخذ هاتفه معه حين يذهب إلى الاحتجاجات أو إلى اجتماعات تنظيم المظاهرات لأن رفاقه النشطاء الألمان والفلسطينيين المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، المسؤولين عن تنظيم المظاهرات، اكتشفوا أن الحكومة الألمانية تخترق هواتف النشطاء والمتظاهرين، فضلًا عن أنه في حالة اعتقال شخص من مظاهرة لنصرة الفلسطينيين يتم أخذ كل المعلومات الموجودة في هاتفه.
اقرأ أيضا
list of 2 items
list 1 of 2
ليلة ضرب تل أبيب.. كيف تمكن الحوثيون من بناء سلاح مسيرات هجومي في أقل من 10 سنوات؟
list 2 of 2
نقص في دبابات الجيش.. لماذا لن تنتصر إسرائيل في غزة؟
end of list
هناك حادثة تدعم ما يقوله مهند في هذا الصدد، حيث كُشف النقاب عام 2021 عن شراء الشرطة الألمانية برنامج التجسس الإسرائيلي السيّئ السمعة "بيغاسوس" عام 2019 في صفقة غُلفت بغطاء صارم من السرية، وقد امتنعت الحكومة الألمانية ثلاث مرات متتالية عن توضيح الأغراض التي تستخدم فيها هذا البرنامج، كما رفضت أن تُخضع نفسها للرقابة والتدقيق بشأن استخدامه.
السؤال الصعب.. كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
"سؤال: كم عدد الفلسطينيين في ألمانيا؟
الحكومة الألمانية: لحظة. هل يوجد شيء اسمه فلسطين؟".
حوار تخيلي.. ولكنه حقيقي جدا
لاستكشاف وضع الفلسطينيين الراهن في ألمانيا كان علينا أن نعرف كم عددهم أولًا، والحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال تعد جزءا جوهريًّا من القصة بأكملها، فالواقع أن الحكومة الألمانية لا تعرف عدد الفلسطينيين على أرضها، لأنها لا تعترف بوجود دولة اسمها فلسطين أصلًا.
فعلى العكس من صورة "الاعتدال" التي أظهرتها السلطات المتعاقبة في ألمانيا بشأن القضية الفلسطينية، وتقديمها للفلسطينيين "مساعدات" لا تقارن مع المنح الضخمة التي قدمتها برلين لدولة الاحتلال التي احتلت أرضهم وشردتهم على مدار أكثر من سبعة ع****، فإنها تتعامل الآن مع الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها باعتبارهم "عديمي الجنسية". فنكبة 1948 وتشريد السكان الأصليين في فلسطين على يد العصابات الصهيونية بالنسبة لألمانيا على المستوى القانوني يعني فقط أن هؤلاء السكان الأصليين فاقدي الجنسية الآن، باستثناء القليل من "المحظوظين" الذين يحملون جوازات سفر ألمانية أو عربية.
تعد هذه "الحقيقة المأساوية" أبرز التداعيات المباشرة للموقف الراسخ للحكومات الألمانية المتعاقبة برفض الاعتراف بدولة فلسطينية من دون موافقة إسرائيل. وتكمن المفارقة هنا في أن ألمانيا صاحبة الموقف التاريخي المعادي للفلسطينيين التي لا تعترف بفلسطين بالمعنى القانوني، يوجد بها جالية فلسطينية يصفها البعض بأنها أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين خارج ما يُعرف بالشرق الأوسط، فلكي توازن ألمانيا دعمها الضخم للاحتلال من دون أن تهتز صورتها بوصفها قوة سياسية "معتدلة"، حرصت دائمًا على تقديم نفسها على أنها ملاذ للاجئين الفلسطينيين، الذين أسهم الدعم الألماني للاحتلال الإسرائيلي في تشريدهم وضياع وطنهم عبر الع****.
لا تعكس الأرقام الرسمية إذن حقيقة الحضور الفلسطيني في ألمانيا نتيجة المعايير الضبابية التي تتبعها برلين في التعامل مع الفلسطينيين. وبحسب المكتب الفيدرالي الألماني للإحصاء، تم تسجيل 7799 شخصًا من حاملي جنسية الأراضي الفلسطينية في ألمانيا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، حوالي 560 منهم في العاصمة برلين، غير أن التقارير الإعلامية الألمانية تؤكد أن أعداد الفلسطينيين أكبر من ذلك بكثير، إذ تتراوح هذه التقديرات بين 175 ألفا و225 ألف فلسطيني يعملون في مختلف المجالات وخاصة الطب، والهندسة، والصيدلة، فضلًا عن المجال التجاري بمختلف فروعه، وخاصة قطاعي السيارات والمطاعم، حوالي 40 ألفا منهم في العاصمة برلين، ويتركز الباقون في هانوفر، وبون، وميونخ، وهامبورغ، وفرانكفورت، وإيسن، وكولونيا وفوبرتال.
ربما تخبرك صعوبة معرفة عدد الفلسطينيين في ألمانيا بطرف من إجابة سؤال أهم هو: ما الذي يعنيه أن تكون فلسطينيًّا في ألمانيا؟ أو كيف تُعامل الدولةُ الفلسطينيَّ في ألمانيا؟ أولا، يعني أن تكون فلسطينيا في ألمانيا أنك لا تملك الاعتراف القانوني حتى بأنك فلسطيني، لأن ألمانيا رغم أن لديها سفارة فلسطينية في برلين فإنها لن تعترف بدولة فلسطين إلا حين توافق سلطات الاحتلال في تل أبيب على ذلك، وذلك باعتراف الخبراء والمحللين الألمان أنفسهم.
وجدير بالذكر هنا أن وسائل الإعلام الألمانية لا تتساءل عن أعداد الفلسطينيين عادة في تقاريرها إلا في سياق محاولة معرفة عدد المتعاطفين مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تذكرها وسائل الإعلام دائما مصحوبة بوصف "الإرهابية"، بمعنى آخر أنهم حين يتساءلون عن أعداد الفلسطينيين، فذلك يكون في سياق كم "إرهابيا" محتملا من بينهم.
أن تكون فلسطينيا في ألمانيا
كانت الأمور بالنسبة للفلسطينيين في ألمانيا تتجه نحو الأسوأ بالفعل حتى قبل السابع من أكتوبر، التي منحت السلطات الألمانية ذريعة لزيادة القمع (شترستوك)
لقد كان توجس مهند من سرقة بياناته من قبل الحكومة الألمانية متفهمًا، فقد ضُرب مهند أثناء مشاركته في اعتصام يطالب بحقوق الشعب الفلسطيني بجوار البرلمان الألماني في أبريل/نيسان الماضي ضربًا مبرحًا قبل أن يتم فض الاعتصام لاحقا، وقد كان تبرير الشرطة الألمانية لعملية الفض أن الاعتصام "يمجد ما يسميه المعتصمون بالمقاومة الفلسطينية".
قبل يوم من فض الاعتصام جاء شرطيان ألمانيان ضخمان ليعتقلا شخصين من المعتصمين، وأثناء دخولهما وجدا مهندًا أمامهما، وكانت جريمته أنه ظل واقفًا ولم يفسح لهما الطريق، فقاما من فورهما بالاعتداء عليه وعصب عينيه وليّ ذراعه بق****؛ مما تسبب له في إصابة واضحة، ولم يزدهما صراخه إلا ق**** فأمعنا في ليّ ذراعه المصاب، ثم وضعا أساور على يديه بطريقة تزيد من ألمه، وقد قال له الشرطي إن ما حدث عقاب له على "عدم خضوعه بسلاسة للاعتقال".
خرج مهند بعد ساعات من الاعتقال، وحينها تلقى خبر اقتحام الشرطة الألمانية للاعتصام، ذهب إلى هناك بذراعه المصابة وحمل علم فلسطين معه وظل يهتف للحق الفلسطيني حتى اعتقله رجال الشرطة واعتدوا عليه بالضرب ثانيةً، وكان معه في المعتقل 150 شخصًا آخرون، انتقل 25 منهم إلى المستشفى بعد ذلك جراء الاعتداءات العنيفة لقوات الشرطة.
أخبار حريات فلسطين
أمنستي: الفلسطينيون عانوا ع****ا من البطش والانتهاكات الممنهجة
العفو الدولية: إسرائيل انتهكت القانون الدولي الإنساني بشكل صارخ في الشهور التسعة الماضية (غيتي)
21/7/2024
أشادت منظمة العفو الدولية (أمنستي) برأي محكمة العدل الدولية بشأن عدم قانونية سياسات إسرائيل وممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقالت إن رأي المحكمة "انتصار تاريخي لحقوق الفلسطينيين". وطالبت بألا يُسمح لإسرائيل بـ"الدوس على القانون الدولي بعد الآن".
وشددت على أن الفلسطينيين عانوا ع****ا من "البطش والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني".
اقرأ أيضا
ترامب يتهكم على بايدن وفانس يهاجم هاريس
“غيمة طالت واليوم راحت “.. تسليم سندات تمليك بلبنان لمتضرري زلزال 56
وأشارت المنظمة إلى أن رأي العدل الدولية الذي أصدرته أول أمس الجمعة "واضح لا لبسَ فيه"، وأن الاحتلال الإسرائيلي وضمه الأراضي الفلسطينية "غير قانونيَين"، وأن "قوانينها (إسرائيل) وسياساتها التمييزية ضد الفلسطينيين تنتهك الحظر المفروض على التمييز العنصري".
وأضافت المنظمة أن "الاحتلال ركيزة أساسية لنظام الأبارتهايد الذي تتّكئ عليه إسرائيل للهيمنة على الفلسطينيين واضطهادهم، والذي تسبب في معاناتهم على نطاق واسع".
وتابعت أن الفلسطينيين يتعرضون لهدم منازلهم ومصادرة أراضيهم لبناء المستوطنات وتوسيعها، وأنهم "يواجهون قيودًا خانقة تستبيح كافة جوانب حياتهم اليومية، من تفتيت العائلات والقيود المفروضة على حرية التنقل إلى الحرمان من الوصول إلى الأراضي والمياه والموارد الطبيعية".
أمنستي أشادت برأي محكمة العدل الدولية وعدّته انتصارا تاريخيا لحقوق الفلسطينيين (الفرنسية)
ونبهت المنظمة إلى أن رأي محكمة العدل الدولية يأتي في وقت "ما تنفك إسرائيل تنتهك القانون الدولي الإنساني بشكل صارخ وعلى نحو كارثي خلال الشهور التسعة الماضية، وتشن هجمات قاتلة وغير قانونية في خضم هجومها على قطاع غزة المحتل، مما أودى بحياة عدد غير مسبوق من المدنيين".
وقالت المنظمة إنه يأتي كذلك في وقت تصعّد فيه إسرائيل عمليات الاستيلاء غير القانونية على الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، وتأذن ببناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في القدس الشرقية المحتلة والتي ضمّتها إسرائيل بشكل غير قانوني، "وكل ذلك يرسخ الاحتلال غير القانوني ويديمه".
كما تقاعست السلطات الإسرائيلية، وفق العفو الدولية، باستمرار عن الامتثال للتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية في قطاع غزة، مضيفة أنه "يجب ألا يُسمح لإسرائيل بالدَوْس على القانون الدولي بعد الآن".
وأصدرت محكمة العدل الدولية رأيها بشأن التبعات القانونية الناجمة عن سياسات إسرائيل وممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعواقب سلوك إسرائيل على الدول الأخرى بعد عملية قانونية استمرت 18 شهرًا، شملت جلسات استماع علنية شاركت فيها أكثر من 50 دولة، بما في ذلك فلسطين وثلاث منظمات دولية.
وذكر الرأي الذي طال انتظاره أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية يشكل انتهاكًا واضحا للقانون الدولي.
وفي يوليو/تموز 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية أول فتوى خلصت فيها إلى ضرورة وقف بناء الجدار الفاصل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة لأنه يتعارض مع القانون الدولي. كما حاججت منظمة العفو الدولية بأن بناء الجدار ينتهك القانون الدولي ويسهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وختمت المنظمة بيانها بالقول إن إخفاق المجتمع الدولي في تنفيذ توصيات رأي محكمة العدل الدولية لعام 2004 شجع إسرائيل على الإمعان في تجاهل القانون الدولي وعزز إفلاتها من العقاب.
المصدر : الجزيرة